أخبار عاجلة
الرباط – قناة العرب تيفي المغربية - عبدالفتاح الصادقي  باتت "اللهطة" حسب ما يتداوله المغاربة، وهو ما يقابله في اللغة العربية  الجشع، بمثابة آفة تنخر المجتمع المغربي، حيث الأنانية والفردانية المبالغ فيها تنتشر في مختلف القطاعات. وإذا كانت "اللهطة"/ الجشع ظاهرة تعاني منها العديد من المجتمعات المعاصرة، فإن منسوبها في مجتمعنا يظل مرتفعا، حيث إنها تكرس في مختلف المعاملات اليومية، وتتفاقم مع الأسف الشديد خلال المناسبات الدينية كشهر رمضان وعيد الأضحى.. إنها سلوك مركب يظهر في السياقة، حيث يسعى سائقو العربات بكل الأساليب، حتى وإن كانت مخالفة للقانون، إلى احتكار الطريق والتحكم في حركة المرور وتجاوز غيرهم،وهو م يتسبب في حودث سير مميتة. وتتجلى "اللهطة" في تسابق المسافرين خلف حافلات النقل والقطارات من أجل أن يكونوا سباقين لحجز مقاعدهم، بالرغم من أنها قد تكون محجوزة مسبقا في تذاكرهم، وفي الأسواق والمتاجر،حيث يهرول المتسوقون لاقتناء البضائع والمواد الاستهلاكية، حتى وإن كان المعروض منها موجود بوفرة كبيرة تغطي كافة الاحتياجات.. وتبرز آفة "اللهطة" في مجال  البيع والشراء، حيث  أصبح السعي محموما لتحقيق الربح السريع والحصول على ما فوق النصيب المستحق، بل والسطو على نصيب الآخرين..

“اللهطة”.. الآفة التي تنخرالمجتمع المغربي

“اللهطة”.. الآفة التي تنخرالمجتمع المغربي

الرباط – قناة العرب تيفي المغربية – عبدالفتاح الصادقي

 باتت “اللهطة” حسب ما يتداوله المغاربة، وهو ما يقابله في اللغة العربية  الجشع، بمثابة آفة تنخر المجتمع المغربي، حيث الأنانية والفردانية المبالغ فيها تنتشر في مختلف القطاعات. وإذا كانت “اللهطة”/ الجشع ظاهرة تعاني منها العديد من المجتمعات المعاصرة، فإن منسوبها في مجتمعنا يظل مرتفعا، حيث إنها تكرس في مختلف المعاملات اليومية، وتتفاقم مع الأسف الشديد خلال المناسبات الدينية كشهر رمضان وعيد الأضحى.. إنها سلوك مركب يظهر في السياقة، حيث يسعى سائقو العربات بكل الأساليب، حتى وإن كانت مخالفة للقانون، إلى احتكار الطريق والتحكم في حركة المرور وتجاوز غيرهم،وهو م يتسبب في حودث سير مميتة. وتتجلى “اللهطة” في تسابق المسافرين خلف حافلات النقل والقطارات من أجل أن يكونوا سباقين لحجز مقاعدهم، بالرغم من أنها قد تكون محجوزة مسبقا في تذاكرهم، وفي الأسواق والمتاجر،حيث يهرول المتسوقون لاقتناء البضائع والمواد الاستهلاكية، حتى وإن كان المعروض منها موجود بوفرة كبيرة تغطي كافة الاحتياجات.. وتبرز آفة “اللهطة” في مجال  البيع والشراء، حيث  أصبح السعي محموما لتحقيق الربح السريع والحصول على ما فوق النصيب المستحق، بل والسطو على نصيب الآخرين..

ولا شك أن لهذه الظاهرة أسباب عميقة، تنتج عنها  أضرار  وخيمة ونتائج كارثية على المجتمع، في هياكله الاقتصادية والاجتماعية، ويتطلب التصدي لها توفير القوانين الضرورية والمؤسسات الرقابية المناسبة واتخاذ التدابير الزجرية الصارمة .

والواقع أن هناك عدة عوامل داخلية وخارجية، يمكن أن تفسر انتشار ظاهرة “اللهطة” داخل المجتمع المغربي، ويمكن الوقوف عند أهمها، وتتمثل في الآثار السلبية لليبرالية الجديدة المتوحشة على المجتمعات النامية، ومنها المجتمع المغربي، ويبرز ذلك بشكل واضح، أولا: في تزايد الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، حيث تميل النيوليبرالية المتوحشة، من خلال تشجيع إلغاء القيود التنظيمية، وإقرار حرية الأسعار، وخوصصة القطاعات الحساسة في الدولة، إلى تركيز الثروة في أيدي نخبة  اجتماعية واقتصادية محدودة، مما يؤدي  إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، حيث لا تتمتع الفئات السكانية الواسعة التي تعاني أصلا من الضعف والهشاشة، إلا بقدر محدود من الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والتشغيل..وقد أدت النيوليبرالية المتوحشة فعلا، إلى تكريس “منطق” النجاح الفردي وتراكم الثروة، الذي أصبح معه الإثراء الشخصي هدفا في حد ذاته، وغالبا ما يكون ذلك على حساب قيم التضامن والتآزر والتعاون المتبادل .

ثم هناك شيوع الفساد وانعدام الشفافية، وعدم احترام وتطبيق القوانين المعمول بها بالرغم من نقائصها، حيث  إن الإفلات من العقاب والتطبيع  مع الممارسات الفاسدة، يجعل الفاسدين والمخالفين، يتنافسون في  البحث عن مكاسب شخصية سهلة وآنية، وغالباً ما يكون ذلك على حساب المصلحة العامة.

وبالإضافة إلى ذلك هناك الأزمة العميقة التي تتخبط فيها المنظومة التعليمية وعدم قدرتها على نقل القيم المتعلقة بالمواطنة واحترام القانون والتنافس الشريف والكسب المشروع والتضامن، حيث يسود النموذج التربوي الذي يقدر النجاح المادي بدلاً من الأخلاق والصالح العام، ويشجع القدوة الجشعة عوض القدوة القنوعة، وهو ما يساهم في تغذية عقلية “اللهطة” / الجشع منذ الصغر.

والخطير أن  لظاهرة “اللهطة” المستفحلة عواقب وخيمة وآثار كارثية على  المجتمع المغربي، تتجلى أبرزها أولا: في تدهور الروابط الاجتماعية، حيث تتسبب الأنانية والجشع في تحطيم التضامن التعاون بين الناس، وخلق أجواء  من انعدام الثقة المعممة، وثانيا: في عدم التوازن الاقتصادي والاجتماعي، حيث يؤدي احتكار الأقلية للثروة والجاه، إلى تفاقم التفاوت وعدم المساواة على الصعيدين المجالي والاجتماعي، مما يولد توترات اجتماعية واقتصادية، وثالثا: في الفساد وإساءة استخدام السلطة،  حيث إن السعي للحصول على الثروة بأي ثمن يدفع بعض الجهات الفاعلة الاقتصادية والسياسية إلى الانخراط في ممارسات غير مشروعة تقوض سيادة القانون، ورابعا: في الأزمة الأخلاقية وفقدان القدوة الصالحة، حيث إن الاستهانة ب”اللهطة”/ الجشع، والتطبيع معها، يؤدي إلى أزمة قيم، يصبح فيها الجشعون هم القدوة، ويتقدم فيها النجاح الفردي على المصلحة الجماعية.

 والحقيقة أن آفة  “اللهطة” / الجشع، بالرغم من تجذرها العميق في النسيج الاجتماعي والاقتصادي، فإنها ليست أمرا حتميا لا يمكن التغلب عليها، فجميع الآفات يتم القضاء عليها عبر الإرادة القوية لمؤسسات الدولة والتدابير المناسبة التي تتخذه. ولذلك من شأن اتباع نهج شامل، يجمع بين الإصلاحات التعليمية والاقتصادية والمؤسساتية، أن يساعد على التصدي لآفة “اللهطة”، واستعادة قيم التضامن والإنصاف وتقويتها داخل المجتمع المغربي. ولا بد من وضع الإنسان والأخلاق في قلب مشاريع التنمية لبناء مستقبل أكثر عدلا وانسجاما وتضامنا. 

ولاشك أن التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع المغربي  تقتضي مواجهة هذه الآفة على جميع الوجهات، والإسراع باتخاذ التدابير الضرورية التي من أهمها :

1 – مراجعة المنظومة التعليمية وتقويتها على مستوى القيم الأخلاقية، حتى يتمكن التعليم من غرس مبادئ التضامن والمشاركة والنزاهة والمنافسة الشريفة منذ سن مبكرة.

2 – تشجيع التنمية الاقتصادية الشاملة والمتوازنة على الصعيدين الاجتماعي والجغرافي، حيث إن تحقيق التوزيع الأفضل للثروة والحد من عدم المساواة يمكن أن يساهم في التقليل من الإغراءات والأنانية والفردانية المبالغ فيها، إلى جانب أنه يحصن استقرار المجتمع ويحميه  أمام مختلف التوترات.

3 – محاربة الفساد وتعزيز الشفافية، من خلال تطبيق آليات مراقبة صارمة، وتنفيذ عقوبات نموذجية لتثبيط “اللهطة” / الجشع  والكسب غير المشروع.

4 – تقوية آليات المراقبة والضرب بيد من حديد  على المخالفين للقانون والتصدي بحزم للسماسرة والمتلاعبين بأسعار المواد الاستهلاكية وبمختلف الخدمات والمعاملات.

5 – تعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية، من خلال  تشجيع الشركات والمؤسسات الاقتصادية والتجارية والخدماتية على تبني ممارسات مسؤولة وأخلاقية.

6 – تشجيع القدوة/ نماذج النجاح المبنية على الأخلاق، حيث تقتضي الضرورة تسليط الضوء على الشخصيات المثالية التي تدافع عن العدالة الاجتماعية والمساواة بدلاً من أولئك الذي يلهتون وراء الجشع المادي.

شاهد أيضاً

الرباط - العرب تيفي – محمد بلغريب أشرف  السيد كريستوف لوكورتييه ، سفير فرنسا بالرباط  اليوم الثلاثاء ، بمدينة فاس ، على تدشين المقر الجديد الذي يجمع القنصلية العامة لفرنسا والمعهد الفرنسي بفاس . حضر حفل الافتتاح ،الى جانب السيد كريستوف لوكورتييه، سفير فرنسا ،السيدة كارين فولر فيالون القنصل العام لفرنسا والسيدة أنييس ،همروزیان، المديرة العامة للمعهد الفرنسي بالمغرب والسلطات الرسمية بجهة فاس مكناس، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات المحلية وممثلي الجالية الفرنسية.

سفير فرنسا بالرباط يشرف على تدشين  المقر الجديد للقنصلية العامة لفرنسا والمعهد الفرنسي بفاس

الرباط – العرب تيفي – محمد بلغريب أشرف  السيد كريستوف لوكورتييه ، سفير فرنسا بالرباط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *