أخبار عاجلة
الرباط – العرب تيفي – عبد الفتاح الصادقي منذ الاستقلال عام 1962، لم تعرف الجزائر استقراراً سياسياً حقيقياً يعكس طموحات شعبها الغني بثرواته والفقير في مستوى عيشه. وبينما يحلم المواطن الجزائري بدولة مدنية عادلة، تسخر فيها ثروات النفط والغاز لتحقيق التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، يستمر الحكام في ارتكاب ما يمكن تسميته بـ"الحماقات السياسية"، وهي سلسلة من القرارات والخطابات والسياسات على الصعيدين الداخلي والخارجي ، التي تؤكد غياب أي رؤية استراتيجية حقيقية للنهوض بالبلد .

الإعلامي المغربي عبد الفتاح الصادقي  يكتب :   “الحماقات” التي لا تنتهي لحكام الجزائر

الرباط – العرب تيفي – عبد الفتاح الصادقي

الإعلامي المغربي عبد الفتاح الصادقي  يكتب :   “الحماقات” التي لا تنتهي لحكام الجزائر

منذ الاستقلال عام 1962، لم تعرف الجزائر استقراراً سياسياً حقيقياً يعكس طموحات شعبها الغني بثرواته والفقير في مستوى عيشه. وبينما يحلم المواطن الجزائري بدولة مدنية عادلة، تسخر فيها ثروات النفط والغاز لتحقيق التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، يستمر الحكام في ارتكاب ما يمكن تسميته بـ”الحماقات السياسية”، وهي سلسلة من القرارات والخطابات والسياسات على الصعيدين الداخلي والخارجي ، التي تؤكد غياب  أي رؤية استراتيجية حقيقية للنهوض بالبلد .

ويمكن الحديث عن نوعين من “الحماقات” التي يرتكبها قادة الجزائر “الجديدة”، الأولى تمارس على المستوى الداخلي والأخرى على المستوى الخارجي .

إن مسألة طبيعة ” الحماقات ” على المستوى الداخلي تحيل إلى نقد سياسي يمكن تحليله على عدة مستويات، مع التمييز بين التعبير المجازي (“الحماقة ” باعتبارها عبثاً في القول والفعل ) ووجود  اختلال هيكلي على مستوى نظام الحكم . ويمكن القول إن هذه الحماقات على المستوى الداخلي  تتخذ الأبعاد التفسيرية التالية:

أولا: “ الحماقات”  باعتبارها انجرافًا استبداديًا وتقوقعا أيديولوجيًا، حيث يتُهم الزعماء الجزائريون، منذ الاستقلال، برفض التناوب السياسي الحقيقي والانغلاق الداخلي ومركزية السلطة ومنع التعددية السياسية الفعلية، والاعتماد على المؤسسات العسكرية القوية (دائرة المخابرات والأمن، والجيش الوطني الشعبي) للحفاظ على نفوذهم، والارتكاز على خطاب ثوري جامد و”إرث الشهداء “، مع انفصال تام  عن الواقع المعاصر. ويمكن اعتبار هذا الشكل من “الحماقات” بمثابة رفض مهووس للتغيير، يرتكز على الخوف من فقدان السيطرة..

ثانيا : “الحماقات” باعتبارها هوسًا بالهوية المفقودة واستغلال القومية لاكتساب شرعية مشكوك فيها،  يتجلى ذلك في التركيز على صورة العدو الخارجي الذي يهدد هوية ووحدة الجزائر، وخاصة المملكة  المغربية وفرنسا وإسرائيل وأخيرا الإمارات العربية المتحدة، وكذا الاستخدام المستمر للخطاب القومي العاطفي، وخاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية عبر شعار “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، والهدف الأساس هو تحويل الانتباه عن الإخفاقات الداخلية ( الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ، واستفحال انتشار الفساد، وخنق الحريات وغيرها ) إلى جانب سيادة عقيدة أيديولوجية  مرضية، تنظر إلى أي احتجاج  اجتماعي داخلي على أنه مؤامرة من عدو خارجي. 

ثالثا : “الحماقات” في المجال الإداري، وتتجلى في طغيان الجمود والشعبوية واتخاذ القرارات المتهورة وغير العقلانية داخل المؤسسات الإدارية، والميل نحو التدبير “الزبائني” والولاءات للثروات الوطنية (وخاصة الغاز والمواد النفطية )، وهيمنة الشعبوية الاقتصادية في غياب أي  استراتيجية للتنمية المستدامة، واتخاذ قرارات متضاربة و متناقضة في السياسة الداخلية والخارجية.

 وبخصوص طبيعة “حماقات” القادة الجزائريين على المستوى الخارجي، يمكن فهمها، باعتبارها انعكاسا لسياسة خارجية تتسم بالجمود وعدم التماسك  وتتخذ طابع أيديولوجي مغرق في الماضوية، لا تمليها المصالح البراغماتية بقدر ما تمليها الهواجس التاريخية، ومنطق التنافس المريض، والرغبة في السيطرة الإقليمية والتباهي بالتفوق. ويمكن الوقوف عند أربعة أبعاد رئيسية للحماقات على الصعيد الخارجي:

أولا  : الهوس المناهض للمملكة المغربية، حيث العداء المستمر تجاه  كل ما هو مغربي ،اقتصادا وثقافة ورياضة ولباسا وطعاما، ويبرز هذا الهوس خاصة فيما يتصل بقضية الصحراء المغربية. فإذا كان المسؤولون الجزاريون يرددون باستمرار أنهم ليسوا طرفا في الصراع، فإنهم ينصبون أنفسهم مدافعين عن ما يسمونه “لشعب الصحراوي” في المحافل الدولية حيث يتركون كل القضايا التي تهم الشعب الجزائري ويحصرون اهتمامهم بدعم جبهة البوليساريو  الانفصالية،وهو التوجه الذي  تتشبث به الجزائر  منذ سبعينيات القرن الماضي.

    ويمكن وصف عداء الجزائر تجاه المملكة المغربية  بأنه “حماقة  جيوسياسية مهووسة”، لأنها تضحي بالمصالح  المغاربية المتبادلة على المستوى الاقتصادي  والاجتماعي  والأمني والمناخي والإنساني.. لصالح منطق أيديولوجي عفا عليه الزمن وتجاوزته الأحداث .

البعد الثاني : العزلة الاستراتيجية ورفض التكامل الإقليمي، حيث يعمل قادة الجزائرعلى عرقلة قيام اتحاد المغرب العربي، الذي يعد أمرا ضروريا للتعاون الإقليمي. كما يبتعدون عن أي شكل من أشكال التكامل   مع جيرانهم الأفارقة و العرب. ويعكس هذا الموقف المنغلق، بل وعدم الثقة المنهجية تجاه التعاون المتعدد الأطراف، إلا عندما يكون ذلك لصالحهم بشكل مباشر.

  البعد الثالث: دبلوماسية الواجهة والنفاق السياسي وعدم الانسجام في المواقف  

ويظهر ذلك في ترديد قادة  الجزائر لشعارات عدم الانحياز، وحق الشعوب في تقرير المصير، وسيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكنهم على مستوى الواقع يمارسون عكس ذلك، حيث تتميز تحركات المسؤولين الجزائريين على الصعيد الخارجي  بالتدخلات المباشرة وغير المباشرة في قضايا الآخرين، وحصل ذلك  مع المملكة المغربية وتونس وليبيا ومالي وغيرها . ويندرج ذلك في باب النفاق السياسي وعدم الاتساق في المواقف، حيث يدعمون بعض الحركات الانفصالية (جبهة البوليساريو)، فإنهم في المقابل،  يدينون هذه الحركات في مناطق أخرى مثل منطقة القبائل  .

ويمكن وصف ذلك باعتباره “حماقة أخلاقية”، حيث يفتقد المسؤول الجزائري  لخط  أخلاقي منسجم تتوافق فيه الأقوال مع الأفعال .

وهناك بعد رابع يهم المبالغة في تقدير المكانة العسكرية والأمنية، حيث تتميز الدبلوماسية الجزائرية بطابعها العسكري إلى حد كبير، إذ يلعب الجيش وأجهزة المخابرات دورا مهيمناً في التوجهات الخارجية.

 والواقع أن المشكلة ليست في الجزائر بشعبها أو مواردها، بل في منظومة حكم ترفض الإصلاح، وتكرر الأخطاء نفسها منذ عقود. إن ما يُسمى بـ”حماقات القادة” ليس مجرد زلات فردية، بل جزء من عقلية سياسية، تبدع في صناعة الأعداء بالداخل والخارج، و ترى في الشعب تابعاً لا شريكاً. وإذا لم يتحرك عقلاء النخب الوطنية الجزائرية، بوعي ومسؤولية، فإن هذه  “الحماقات” ستستمر، وسيبقى التغيير حلمًا مؤجلاً.

شاهد أيضاً

عاجل : صافرات الإنذار تدوي في عمّان والأمن يدعو المواطنين للزوم المنازل

عاجل : صافرات الإنذار تدوي في عمّان والأمن يدعو المواطنين للزوم المنازل

الرباط – العرب تيفي – وكالات عاجل : صافرات الإنذار تدوي في عمّان والأمن يدعو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *